السبت، 8 أغسطس 2015

الشخصية المنظمة:
من أهم الصفات التي يجب ان تتوفر في شخصية القائد الناجح ( التنظيم ) ، والتنظيم يعتبر من أهم مقومات النجاح .

من خلال هذا المقال استعرض معكم ما هي الشخصية المنظمة وكيفية اكتسابها .............

الشخصية المنظمة :

تتعدد جوانب الشخصية بين مواطن الضعف والقوة أو بين دوائر السلبية والإيجابية ولكل جانب هناك من يمشي ورائها أو يجلس تحت ظلها.
و الشخصية المنظمة ضمن المحور الإيجابي المنتج لنفسه ولغيره ومن صفاتها:-

1- تمتلك مقياساً فاصلاً يفصل به بين التنظيم والفوضى مثل:

-أ - تقدير الفوائد والأرباح والإيجابيات.
-ب- تقدير الأضرار والسلبيات والنواقص.
-ج- تقدر النجاح حسب الإمكانات المتاحة.
-د- تحذر من الفوضى منض البداية حتى لا تقع في شباكها في وسط الطريق.

2- تفهم التنظيم كوسيلة حتى لايفقد المرونة والواقعية.

3- ترتب الأولويات في كل شيء وحسب إمكانيات حياتها الشخصية، والموازنة بين الأشياء والمواقف ديدنها مثل:
- الموازنة بين المصالح والمفاسد
- الموازنة بين المصالح العالية والدانية.
- الموازونة بين إبقاء الشيء و إزالته.
- الموازنة بين الأشياء الثابتة والمستجدة.

4- تعتمد على التدوين في كل الأمور والشؤون وكل واجب و كل موعد وكل ماهو مطلوب للقيام بأدائه لذا يجب أن تمتلك أدوات ذلك.

5- تقدر الوقت الكافي بدقة وبصيرة ولا يستعجل قطف الثمرة قبل أوانها، و تعلم أن الإبداع لا يولد إلا أن يأتي أوانه.

6- ترتب الموقع ومكان العمل ومستلزمات العمل ولا تنسى الشروط والمؤيدات والميسرات.

7- تعمل بالإدارة مع الأشياء والأشخاص و تقدر الجهود ويصدق الأعذار الواقعية والملحة.

8- متوازنة ومتوافقة في جميع جوانب حياتها ولا تهمل جانب على حساب جانب آخر.

9- تخطط لتنظم، و تفهم التخطيط كقاعدة سواء كانت لسنة أو لساعة.
اضطراب "النرجسية"

Narcissistic Personality Disorder



يتميز الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية النرجسية بشعورهم القوي بالأهمية والعظمة والتفرد. بالتأكيد سيرافق هذا الشعور الكثير من المشاكل الاجتماعية كون هذا الإنسان لن يتمكن من إشباع هذا الإحساس بمعزل عن الآخرين بل لا بد أن يعطى حقوقه المزعومة من التعظيم والتبجيل من الآخرين(الأقل منه حسب اعتقاده). لا يعني أن المصاب بالنرجسية شخص لا يستحق الاهتمام أو أنه غير منتج اجتماعيا أو غير مؤهل علميا بل قد يكون بالفعل من الأشخاص المتميزين اجتماعيا إلا أن إحساسه بأن الكون يدور حوله(المبالغة في تضخيم انجازاته) وحسب وكل الآخرين لا شيء أمامه هو ما يجعل شعوره وردود فعله العاطفية والاجتماعية مصنف كاضطراب في شخصيته.

يعاني النرجسي كثيرا لأنه على أرض الواقع لن يجد من يشبع رغباته في كل وقت وفي كل الأحوال وهذا ما قد يؤدي إلى المرض النفسي في النهاية.

قد يكون الشعور بالأهمية والعظمة جزء من خيال الشخص المصاب أو أحلام يقظته دون أن يصرح بهذا ودون أن يعلم بها الآخرون وهذا لا يعني أن معاناته أقل ممن تكون أعراض الاضطراب بادية عليه وملاحظة من قبل الآخرين.

يوجد هذا الاضطراب بنسبة 0,4 %(4 في الألف) في المجتمع عموما ويكون أكثر شيوعا بين الذكور. وتتنوع صوره بين الشعور بالقوة المطلقة, الجمال المتفرد, الأهمية القصوى...إلخ. وفي كافة الصور, لا يتوقع هذا الشخص أن يوجه له أحد النقد أو اللوم أو حتى النصح لتغيير أي من سلوكياته وإذا وجه له اللوم أو النقد فإنه لا يضع له أي اعتبار. ولهذا لا تجد للنرجسي علاقات ثابتة أو وثيقة مع الآخرين.



الأسباب:

لم يتم دراسة أسباب اضطراب الشخصية النرجسية بشكل جدي لحد الآن وتتوافر القليل من المعلومات بهذا الخصوص. يعتقد أن الأسباب متعددة ومتداخلة فيما بينها. هذه الأسباب تصنف لأسباب عضوية ونفسية واجتماعية وتطورية.

الأسباب العضوية تتمثل في اختلال نسب بعض النواقل العصبية بين خلايا الدماغ.

أما الأسباب النفسية والتطورية فيعتقد أن حالة من الغضب الشديد عانى منها الشخص المصاب مبكرا في طفولته تجاه أفراد يشكلون أهمية مركزية في حياته. كما يعتقد أن وراء التعظيم المتعمد للذات شعورا دفينا بالدونية يسكن كل أركان النفس في الشخص المصاب وما هذه التصرفات النرجسية إلا وسيلة دفاع غير واعية ضد هذا الشعور. كما يعتقد البعض أن السبب تربوي بحت يكمن في حدة انتقادات الأبوين الموجهة لأبنائهم كجزء من الحرص عليهم وتوقعاتهم العالية في أطفالهم. معظم النرجسيين غالبا ما يكونون أول أطفال الأسرة أو الوحيدين لآبائهم. واعتقد بعض الباحثين أن الآباء استخدموا أطفالهم دون وعي لتمرير رغباتهم وأمانيهم.

أما اجتماعيا, فيرى بعض المختصين في هذا المجال أن النرجسية ليس مرضا بل ظاهرة سببها الواقع الغربي المعاصر والذي يوصف بأنه (حضارة نرجسية).

الصورة الإكلينيكية:

يبدأ هذا الاضطراب في التبلور والوضوح في سن مبكرة(المراهقة) ويستمر ويزداد مع العمر.

تتنوع الصور الإكلينيكية كثيرا بل قد تتضارب في نفس الشخص. فبالرغم من النرجسية الشديدة وعدم المبالاة بالآخرين, قد يظهر المريض محاولات مستميتة لنيل رضا الآخرين وجذبهم له كمحاولة لتغطية الشعور الطاغي بعدم أهمية الآخرين بالنسبة له. ويمتدح النرجسيون من يعظمهم ويملأ رغباتهم بكيل التبجيل لهم. قد يحقق النرجسيون نجاحا باهرا على مستوى الدراسة أو الوظيفة أو على المستوى الاجتماعي لكن كل ما يهمه ليس الإنتاج نفسه بل نيل المديح والتقدير من الآخرين فقط. يكثر النرجسيون من الكذب والتلفيق والتبريرات الغير صادقة.

تتأثر مشاعر النرجسيين كثيرا في حال اضمحلال المصادر الخارجية التي تغذي شعورهم بالعظمة والتفرد حيث تبدو شخصياتهم الهشة على حقيقتها. يعانون أيضا من الخواء العاطفي فلا شعور حقيقي بالحزن أو الفرح. كما يعانون كذلك من التفاوت المفاجئ والمتكرر في أمزجتهم.

قدرة النرجسي على الحب جد محدودة وكل ما يملكونه هو أحلام اليقظة التي تنشد العيش في حب مثالي بعيد عن الواقع. كما أن النشاط الجنسي في نظر النرجسي شيء تافه يعبر عن لذة جسدية فقط وليس تعبير عن مشاعر وأحاسيس بين شخصين. وقد يظهر على النرجسي بعض السلوك الداعر. لا يستطيع النرجسي غالبا الحفاظ على علاقات ثابتة وراسخة حيث أن الشعور بالملل وتصرفات النرجسي يفكك هذه العلاقات بعد وقت قصير من بدايتها.

يستخدم النرجسيون قدرتهم اللغوية لإظهار تفردهم وعظمتهم وليس كوسيلة للتواصل أو فهم الآخرين. يحرص النرجسي على الاستعراض كثيرا لقدراته اللغوية ولا يهمه محتوى ما يقدمه من كلام والذي عادة لا يتميز بالفعل بشيء عن الآخرين إن لم يكن أقل أو حتى فارغا من المحتوى.

أهم عناصر التشخيص ما يلي:

------------------

شعور مستمر ومبالغ فيه بالعظمة(كخيال أو سلوك) مع الحاجة للثناء والإطراء ويبدأ بسن مبكرة وتشير إليه خمسة أو أكثر من العناصر التالية:

1) الشعور بالعظمة والأهمية كالمبالغة في الانجازات أو توقع أن يعامل باستثنائية دون مبرر لذلك.

2) دائم الانشغال بخيال النجاح الباهر والتميز والقوة والجمال والحب المثالي.

3) الاعتقاد بأنه متميز ولا يفهمه ولا يرتبط به إلا المتميزون أمثاله.

4) بحاجة ماسة ومستمرة للمديح والإطراء.

5) يحب أن يلقب بألقاب العظمة ويشعر أنه يجب أن يطاع دون نقاش.

6) يستغل الآخرين لصالحه.

7) لا يشعر بأهمية أو شعور الآخرين.

8) يحسد الآخرين ويشعر أن الآخرين يحسدونه أيضا.

9) تظهر عليه الغطرسة والتعالي.

-----------------
الأمراض المصاحبة:

غالبا ما تصاحب هذا النوع من الاضطراب في الشخصية العديد من الأمراض النفسية مثل:

1) الاكتئاب.

2) أمراض القلق.

3) نقص الشهية العصبي

4) إدمان المخدرات.

5) اضطرابات (أو أعراض) أخرى في الشخصية مثل:

a. الشخصية الحدية(البينية).

b. الشخصية الهستيرية.

c. الشخصية المرتابة(الشكاكة).

d. الشخصية المعادية للمجتمع.

e. الشخصية الفصامية.

كما أنه معرض للإصابة بأعراض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب(Bipolar Affective Disorder) ولكن نوبات الهوس(Manic Episodes) قصيرة المدة ويحتفظ المريض خلالها باستبصاره وخصائص شخصيته النرجسية أيضا.

هناك نوع من النرجسية الخبيثة "Malignant Narcissism" حيث يظهر المريض بالإضافة إلى أعراض نرجسية شديدة الكثير من التصرفات المعادية للمجتمع(Antisocial Behavior) فلا يكتفي بالاستعلاء على الآخرين والشعور بالعظمة بل يسعى لضررهم بوسائل شتى.

مسار ومآل الاضطراب:

غالبا يصاب اشخص النرجسي بالاكتئاب والهوس بشكل متكرر وبالذات في أواسط العمر حيث يعاني من أزمات حادة من الشعور بخيبة الأمل والغضب والشعور بتلاشي أسباب نرجسيته.

المسار عموما يتخذ المنحى المزمن ومقاومة أغلب أساليب العلاج. بل ويضاف لها الأمراض النفسجسمانية والقلق والشعور بالخواء.

العلاج:

عادة لا يلجأ المصاب بالشخصية النرجسية للطبيب طلبا للعلاج إلا حال إصابته بأحد الأمراض المصاحبة لاضطراب شخصيته مثل القلق والاكتئاب أو من مشاكل في علاقته بالآخرين وبالذات المقربين منه.

1) العلاج الدوائي:

لا يوجد علاج ناجع لاضطراب الشخصية النرجسية إلا أن المهدئات ومضادات الاكتئاب وبالذات مثبطات ارتجاع السيروتونين مثل البروزاك في التحكم في الأعراض المصاحبة مثل القلق, نوبات الغضب, نوبات تقلب المزاج, الاكتئاب والعدوانية النرجسية.

2) العلاج النفسي:

العلاج الفردي هو الأمثل بين العلاجات النفسية رغم أنه يحمل خطورة تولد شعور بالعدائية بين المعالج ومريضه نظرا لحدة سمات الشخصية النرجسية.


مع تمنياتي للجميع بالصحة والسعادة الدائمة

قصة فتاة


 

أردت إفسادها فأنقذتني

 

داعية ولكن من نوع وتوجه آخر . خط لنفسه طريق وهدف ولكن كان يؤدي إلى الهلاك والفساد فمضى في تنفيذ مخططه حتى سقط ضحية فتاة عرفت كيف تتعامل مع أمثاله.

ما أجمل الماضي وما أقساه،صفتان اجتمعت في ذكرى رجل واحد ، صفتان متضادتان أحاول أن أتذكر الماضي من أجل أن أرى طفولتي البريئة فيها . وأحاول أن أهرب من تذكره كي لا أرى الشقاء الذي عشته في عنفوان شبابي .فحينما وصلت سن الخامسة عشرة كنت في أشد الصراع مع طريقين هما طريق الخير وطريق الشر . لكن من سوء حظي أنني اخترت طريق الشر،فقلدتني الشياطين أغلى وسام لديها،وصرت تبعاً لها بل لم تمضي أيام حتى تمردت عليها فأصبحت هي التابعة لي ، فأخذت مسلك الشر واستسقيت من منهله المر الذي أشد من مرارة العلقم وأيمُ الله .لم أتخلى يوماً عن المشاركة في تفتيت روابط القيم والشيم الرفيعة،حتى أصبح اسمي علماً من أعلام الغواية والضلال وذات مرة استرعى انتباهي فتاة كانت في الحي الذي أسكن فيه ، وكانت كثيراً ما تنظر إلىّ نظرة لم أعي معناها . لكنها لم تكن نظرات عشق ، ولا غرام ، رغم أنني لا أعرف العشق ولا الغرام حيث لم يكن لي قلب وقتها . وتغلغلت في أفكاري تلك النظرات التي استوقفتني كثيراً ، حتى هممت أن أضع شراكي على تلك الفتاة . وبعد فترة أخذت منظومة شعرية يقولون أنها منظومة عشق ، فأرسلتها لها عبر باب منزلها ، ولكن لم أجد منها رد بذلك ولا تجاوب . وأخذتني بعدها العزة بالإثم لأغوين تلك الفتاة شاءت أم أبت ،فكتبت فيها قصيدةً شعرية من غير ذكر اسم لها . حتى وصلها الخبر بذلك،لكنها لم تتصرف ولم يأتي منها شئ،وذات ليلة كنت عائداً إلى منزلي الساعة الرابعة فجراً،فأنا ممن هو مستخف بالنهار وساربُُ بالليل . وإذا بي أجد عند الباب كتاب عن الأذكار النبوية ، فأحمر وجهي لذلك استحضرت جميع قوى الشر التي بداخلي ، حيث عرفت أن التي أرسلته لي هي تلك الفتاة.

وبهذا فهي قد أعلنت حرباً معي ، ففكرت وقتها على أن أكتب قصيدة عن واقعة حب بيني وبينها وأنشرها بالحي ، وبعدها أكون قد خدشت بشرفها . وجلست أستوحي ما تمليه الشياطين علىّ من ذلك الوحي الشعري ، ففرغت من قصيدتي تلك وأرسلت بها إلى دارها مهدداً إياها بان ذلك سوف ينشر لدى كافة معارفك.وجاءني الرسول الذي بعثت معه القصيدة بتمرات،وقال لي أن الفتاة صائمة اليوم وهي على وشك الإفطار وقد أرسلت معي هذه التمرات لك هديةً منها لك على قصيدتك بها،وتقول لك أنها ستدعو الله لك بالهداية ساعة الإفطار. فأخذت تلك التمرات وألقيتها أرضاً،احمرت عيناي بالشر،وتوعدتها بالانتقام عاجلاً أم آجل ، ولن أدعها على طريق الخير أبداً ما حييت .

 وأخذت أتصيد فترات روحتها وجيتها للمسجد بإلقاء عبارات السخرية والاستهزاء بها فكان من معها من البنات يضحكن عليها أشد الضحك ، ومع ذلك لم تحرك تلك الإستهزاءات ساكناً فيها . ومرة الأيام ورأيت أنني فشلت في محاولاتي تلك بان أضل تلك الفتاة واستمرت هي بإرسال كتيبات دينية لي،وكل يوم اثنين وخميس وهي الأيام التي كانت تصوم فيهما كانت ترسل التمر لي ، وكان لسان حالها يقول أنها قد انتصرت علىّ ، هذا ما كنت أظنه من تصرفاتها تلك وما هي إلا أِشهر إلا وسافرت خارج البلاد باحثاً عن السعادة واللذات الدنيوية التي لم أراها في بلدي،ومكثت قرابة أربعة أشهر، وكنت وأنا خارج بلدي منشغل الفكر بتلك الفتاة ، وكيف نجت من جميع الخطط التي وضعتها لها . وفكرت فور وصولي لبلدي أن أبدأ معها المشوار مرة أخرى بأسلوب أكثر خبثاً ودهاءً وقررت أنني سوف أردها عن تدينها وأجعلها تسير على درب الشر . وجاء موعد الرحلة والرجوع لبلدي وكان يومها يوم خميس ، وهو من الأيام التي كانت تصومه تلك الفتاة ، وحينما قدم لنا القهوة والتمر بالطائرة أخذت بشرب القهوة أم التمر فألقيت به [ حيث كان رمزاً للصائمين ويذكرني بها ] . وهبطت الطائرة بمطار المدينة التي أسكن بها وكان الوقت الواحدة ظهراً،وركبت سيارة الأجرة متوجهاً لمنزلي ، وهناك زارني أصدقائي فور وصولي ، وكلاً منهم قد حصل على هديته مني وكانت تلك الهداية كلها خبيثة ، وكانت أكبرها قيمة وأعظمها شراً هدية خصصتها لتلك الفتاة ، كي أرسلها لها،ولأرى ما تفعله بعد ذلك . وخرجت ذاهباً لأتصيد الفتاة عند مقربةً من المسجد قبل صلاة المغرب ، حيث كانت حريصةً على أداء الصلاة في المسجد لان بالمسجد كان جمعية نسائية لتحفيظ القران . وما أن أذن المغرب وفرغ من الأذان وجاء وقت الإقامة ، ولم أرى الفتاة،استغربت،وقلت في نفسي قد تكون الفتاة تغيرت أثناء سفري وهجرت المسجد وتخلت عن تدينها ذلك . فعدت لمنزلي،وأنا كلي أمل بان تكون توقعاتي تلك محلها، وبينما كنت أقلب في كتبي وجدت مصحفاً مكتوب عليه إهداء إليكَ لعل الله أن يهديك إلى صراطه المستقيم ، التوقيع / اسم الفتاة . فأبعدته عني وسألت الخادمة من أحضر هذا المصحف إلى هنا فلم تجبني،وخرجت في يومي الثاني منتظراً الفتاة عند باب المسجد ومعي المصحف كي أسلمها إياه وأقول لها أنا لست بحاجةٍ إليه ، كما أنني سوف أبعدك عنه قريباً،وانتظرت الفتاة عند المسجد ولكن لم تأتي . وكررت ذلك عدة أيام لكن دون فائدة فلم أراها ، فذهبت إلى مقربة من منزلها وسألت أحد الصبيان الصغار الذين كانوا يلعبون مع أخوة لتلك الفتاة ، فسألتهم: هل فلأنة موجودة ؟ فقالوا لي : ولماذا هذا السؤال ! ربما أنت لست من هذا الحي . قلت بلى ولكن لدي رسالة من صديقة لها كنت أود أن تذهبوا بها لها ، فقالوا لي أن من تسأل عنها قد توفاها الله وهي ساجدة تصلي بالمسجد قبل أكثر من شهرين عندها ما أدري ما الذي أصابني فقد أخذت الدنيا تدور بي وأوشكت أن أقع من طولي،ورق قلبي وأخذ الدمع من عيني يسيل ، فعيناي التي لم تعرف الدمع دهراً سالت منها تلك الدموع بغزارة ، ولكن لماذا كل هذا الحزن ؟ أهو من أجل موتها وحسن خاتمتها؟.

 أم من أجل شئ آخر ؟.

لم أقدر أن أركز وأعلم سبباً وتفسيراً لذلك الحزن الشديد،أخذت بالعودة لمنزلي سيراً على الأقدام وأنا هائم لا أدري أين هي وجهتي؟ وإلى أين أنا ذاهب؟. أطرق باب منزلي بينما مفتاح الباب بداخل جيبي،لقد نسيت كل شئ نسيت من أنا أصبحت أنظر وأتذكر نظرات تلك الفتاة في كل مكان تلاحقني وأيقنت بعدها أنها لم تكن نظرات خبث ولا شئ آخر بل نظرات شفقة ورحمة علىّ ، فقد كانت تتمنى أن تبعدني هي عن طريق الشر.

 فقررت بعد وفاتها أن أعتزل أهلي ، وفعلاً اعتزلت أهلي والناس جميعاً أكثر من سنة وسكنت بعيداً عن ذلك الحي وتغيرت حالتي ، وصار خيالها  معي دوماً أراه لم يتركني حتى في وحدتي،أصبحت أراها وهي ذاهبة للمسجد وحينما تعود،وحاول الكثير من أصدقائي أن يعرفوا سبب بعدي عن المجتمع وعن رغبتي واختياري العيش وحيداً لكنني لم أخبرهم بالسبب وكان المصحف الذي أهدتني إياها لا يزال معي،فصرت أقبله وأبكي وقمت فوراً بالوضوء والصلاة لكنني سقطت من طولي فكلما حاولت أن أقوم أسقط،لأني لم أكن أصلي طوال عمري ، فحاولت جاهداً فأعانني الله ونطقت باسمه،ودعيت وبكيت لله بان يسامحني وبان يرحم تلك الفتاة رحمةً واسعة من عنده ، تلك الفتاة التي كانت دائماً ما تسعى لإصلاحي, وكنت أنا أسعى لإفسادها ، لكن تمنيت لو أنها لم تمت لأجل تراني على الاستقامة ، لكن لا راد لقضاء الله ، وصرت دوماً أدعو لها وأسأل الله لها الرحمة وان يجمعني بها في مستقر رحمته وان يحشرني معها ومع عباده الصالحين.